Categories
Uncategorized

فلسفة “Kintsugi”.. صيانة وإصلاح الكسور بالذهب

فلسفة “Kintsugi”.. صيانة وإصلاح الكسور بالذهب
mm على يد سارة فرحان6 أشهر مضت6 أشهر مضت
فلسفة “Kintsugi”.. صيانة وإصلاح الكسور بالذهب
مثلما الأقداح أو الصحون، الإنس ايضاًًً يصابون بالكسور والجروح النفسية، ولطالما اعتقدنا أن الشيء المكسور من الشاق أن يرجع مثلما كان، وحتى إذا حاولنا تركيبه مكررا سيبقى أثر الكسر واضحاً يُذكرنا به، إلا أن، وكون ذاك الدولة باستمرارً يفاجئنا بما لا نتوقع، تصادفنا مجددا فلسفة يابانية يطلق عليها “Kintsugi” غايتها صيانة وإصلاح القطع المكسورة باستعمال الذهب أو الفضة أو البلاتين، لتصير أكثر جمالاً من قبل.

وحالياً لا بد أنك تتساءل عن فلسفة وفن الـ “Kintsugi” القديمة، وما المبتغى من ذاك الفن؟

فلسفة “Kintsugi”
أتى إصطلاح الـ Kintsugi أساسا من منهج “الزن” البوذي الذي يصبح على علاقة بالسيراميك، إذ طور أساتذة ذاك المنهج فلسفة تقول بأن الأواني والأقداح والأوعية التي تضررت لا يقتضي إهمالها أو القضاء عليها، إلا أن يقتضي أن تجذب اهتمامنا وأن يكمل إصلاحها برعاية ودقة، وتلك العملية ترمز إلى المصالحة مع الخلل والنقائص والأحداث التي نتعرض لها مع الزمان. ومن هنا أتت كلمة kintsugi كتعبير عن ذلك التقليد لتصليح السيراميك. ولذا الاصطلاح يتكون من قسمين:

Kin = ذهبي

tsugi = نجارة

ليصبح المعنى حرفياً “الترميم بالذهب”.

ويقوم مبدأ تلك الفلسفة على أساس أنه يقتضي التقاط القطع المكسورة من القدر المحطم على يد الخطأ، واسترداد تركيبها ثم لصقها باستعمال طلاء من مسحوق ذهبي ممتاز بشكل كبير. ويجب ألا تكون هنالك تجربة لتخبئة الكسور والتلفيات، فالهدف هو توضيح خطوط الصدع جميلة وصلبة. وتلك الخطوط الثمينة من الذهب تجيء للحرص على أن كل كسر يخفي بداخله جمالاً وله منافع علينا إظهارها.

kintsugi philosophy فلسفة “Kintsugi”.. صيانة وإصلاح الكسور بالذهب

تاريخ الـ Kintsugi
لا نبالغ إن قلنا بأن ظهور تلك الفلسفة أتى بالصدفة البحتة، ويُأفاد أن أصولها ترجع إلى المدة مابين عامي (1358-1408)، أي يصل وجودها في الدنيا أكثر من600 عام، ولذا حينما كسر الشوغون الياباني Ashikaga Yoshimitsu قدَح الشاي المفضل عنده، وحنق لذلك المسألة، فقام بإرسال الصندوق لإصلاحه في الصين. بل لدى إرجاع القدَح استشاط غضباً حينما رأى المشابك المعدنية القبيحة التي تم استعمالها لصيانة القطع المكسورة وهي تتدلى من الصندوق، فطلب من الحرفيين ابتكار حل أكثر تكيف. وقد كان ما توصلوا إليه كيفية لا تخفي الضرر الضخم، لكنها صنعت شيئاً أكثر جمالاً منه.

أثارت تلك الأسلوب والكيفية الحديثة إعجاب العدد الكبير من الهواة، لدرجة أنهم صاروا يقومون بتحطيم الجرار والأقداح وإرجاع تنصيبها مكررا باستعمال طلاء من مسحوق الذهب، وأصبحت تلك المهنة معتمدة بإرجاع تركيب القطع المكسورة وعرض البهاء فيها، ليصير الصندوق صاحب ثمن أضخم.

إمتيازات الـ Kintsugi في حياتنا اليومية
حينما تتعمق في أدرك تلك الفلسفة الفريدة، ستتعلم مجال علاقة برقية الـ Kintsugi بحياتنا اليومية. سواء كنت تتكبد من ضياع واحد عزيز أو ضياع مهنة تعبت وأنت تؤسس لها. وإن كنت تتعافى من كدمة أو محاولة طلاق سيئة، أو حتى مأساة شخصية أخرى، فإن فلسفة الـKintsugi يمكن أن تشكل أسلوب وكيفية طفيفة وسهلة لاسترداد البصر لتلك المصاعب بأسلوب أخرى، وتذكير نفسك أنك لست مجني عليه لظروفك، وبأنه تَستطيع الذهاب للخارج من كل تلك المشاكل وأنت أقسى من قبل. والمقصد من كل ذاك أن تنظر للحياة على نحو أكثر جيدة ومحفزة، وتتقصى عن الروعة في جميع الأشياء تتعرض له، وتوقن على الإطلاقً أن الخير يكمن في مختلف ما تعتقده شراً أو أمراً سيئاً فيما يتعلق لك.

فأنت لن تدرك نطاق الشدة والجمال الكامنة بداخلك، سوى حالَما تتعرض لمواقف عصيبة في الحياة. وهنا تَستطيع اتباع فلسفة الـ Kintsugi وممارستها على نحو متكرر كل يوم لتخرج من كل المواقف وأنت أكثر قوة وثقة.

اقرأ ايضاً:

“الإيكيجاي” فلسفة يابانية للوقوف فوق معنى الحياة

Japan philosophy فلسفة “Kintsugi”.. صيانة وإصلاح الكسور بالذهب

تقنيات فلسفة الـ Kintsugi
تشتمل تلك الفلسفة على الكمية الوفيرة من التقنيات، ونذكر منها:

1- الـ Wabi sabi: والمقصود بها الاحتفال بالعيوب والعيش بيسر، فالكل يمرون بأوقات صعبة ويعيشون حياة عسيرة. فتأتي تلك التكنولوجيا لتعلمنا طريقة احتضان النواحي الجيدة والسيئة من أنفسنا، وتأقلمنا مع ذواتنا كيفما كنا. وتؤكد على ذاك الدكتورة راشيل أونيل، وهي معالجة في Talkspace إذ تقول:”إن احتضان الخلل والنقائص يقصد أننا نحتفل بقوتنا. فهو تحويل في كيفية تفكيرنا، من السعي لتلبية وإنجاز الكمال والمثالية، إلى توضيح نقط الشدة عندنا، ولذا المسألة يكون سببا في عقلية أكثر غير سلبية وموجهة باتجاه نقط الشدة بداخلنا”.
2- الـ Gaman: وهو التمكن من التحلي بالصبر والهدوء. ومن الممكن لأي فرد مزاولة الـ Gaman في الحياة اليومية من خلال التأمل، ولذا بواسطة تخصيص بضع دقائق في يومياً للتنفس فحسب، فمن أثناء إيلاء الاهتمام على شيء طفيف مثل التنفس، فإننا نُريح عقولنا من المصاعب التي نواجهها في يومياً.

ومن الممكن مزاولة مران التنفس يومياً، لتعلّم طريقة الاستجابة للضغوط اليومية، وبديلاً عن الإهتمام على الأحوال الهدامة، فإن Gaman تشجعنا على النفع من قوتنا والإهتمام على إمكاناتنا الداخلية، ولو كان بإمكان المرء إبانة قوته الداخلية، فإن ذلك أقسى من أي شيء سلبي يحيط به.

3- الـ Yuimaru: وهي تكنولوجية تؤكد على لزوم الجهد الجماعي، وأنه بالإمكان الإنتعاش من كل إشكالية على يد تلقي مساندة الأصحاب والأسرة والأشخاص الذين يهتمون لأمرك. إذ أن إبانة التدهور أمامهم، قد يعينك على أرض الواقع على وعي ما تحتاجه في الحياة، فالضعف شجاعة تكمن بداخلك. لهذا فإنك وقتما تعتني بدائرتك القريبة، فأنت تعتني بنفسك جيداً. وقد تعلمنا معاً كيف علينا أن نحب أنفسنا، ونعتني بأنفسنا مثلما إن كانت أجدر صديق لنا.

إن تعميق علاقاتنا بمن حولنا من الممكن أن يساعدنا في أن نصبح أكثر لطفاً مع أنفسنا، فنحن وقتما ندرك أن عندنا محيط يدعمنا بأسلوب جيد، فإننا نميل إلى الاعتناء بأنفسنا بأسلوب أضخم. أي أن ذلك المبدأ يقوم في الأساسً على منظور التنفيذ والعطاء كشعور رومانسي جميل.

4- الطعام الصحي: فالعقل الجيد والمحفز يبدأ من بدن صلب وغذاء صحي. ولذا ما نلاحظه في اليابان، إذ نجدهم يعتمدون على نمط غذائي متواضع، ويعيشون على اليسير بشكل كبيرً من مقادير الأكل، مع إيلاء الاهتمام على نوعية التغذية الذي يتناولونه على أن يكون نظامهم الغذائي متواضع وصحي. مثلما يهتمون بجميع تفاصيل تجهيز القوت ويستمتعون به، ويجدون أن ذاك الشأن يغذي الجسد والروح ايضاً. ولذا بالتأكيد جزء مهم من الرعاية بأجسامنا.

5- الـ Kansha: ولعلها تعد أكثر أهمية مفهوم في فلسفة الـ Kintsugi ، والمقصود منها التعبير عن العرفان للخير والشر في حياتنا من أجل أن نكون أفراداً أكثر إنصياع وامتناناً. فنحن حينما ندرك أن كل ما نتعرض له يكمن الخير بداخله، سنتمكن من الشفاء على نحو أكثر سرعة ونصبح أكثر إنصياع في حياتنا. من جهة أخرى فإن إعتياد أداء الإقرار بالفضل ترتبط ايضاً بالعيش في الزمان الجاري وعدم التوق إلى امتلاك أشياء لا نملكها، كل ذاك من أجل التنازل عن “الأنا” المخصصة بك، وإرجاع بلوَرة تجاربك بحيث يشاهد عقلك الغير سلبية بديلا عن الهدامة في جميع الأشياء. فكل شيء يأتي ذلك لسبب ما، ولا يبقى وحط عسير نواجهه دون دافع.

ومن ثم نصبح قد تعرفنا على فن الـ Kintsugi الياباني لنؤكد منظور أنه مهما تعرضنا لمشكلات في الحياة، يمكن لنا احتضان الخلل والنقائص وإيضاح البهاء الكامن فينا، إذ تَستطيع تأسيس قطعة فنية أشد وأكثر جمالاً بديلا عن رمي تلك القطعة، فالبطن المترهل، التجعدات في الوجه، والشعر الأبيض، جميعها علامات تُثبت جمالك وحقيقتك، وفي جميع نقص وخلل سحر ذو مواصفات متميزة من طرازه يُبرز “الندوب” كجزء من الإستراتيجية المتكامل، لا ينبغي تغييرها، فهي معنى الحياة.

من هنا يمكن لنا استعمال تلك الفلسفة لتعلمنا درساً مهماً في الحياة:

من وقت لآخر فإنك بعملية تصليح الموضوعات التي تم كسرها، تقوم بتشكيل شيء أكثر تميزاً عن ذي قبل، لتكتشف أنك صرت أجمل مع تلك الشروخ الذهبية الرائعة.

Japan kintsugi philosophy